بعد وقوع انفجار 4 آب، سارعت الشركات الأجنبية إلى عرض خدماتها لإعمار المرفأ المدمر، وتمكنت شركات ألمانية من إثارة إعجاب المعنيين في لبنان عبر تقديمها خططًا بقيمة 30 مليار دولار لإعادة بناء الميناء والأحياء المتاخمة له.
ويُعتبر مرفأ بيروت قبل التدمير من أكبر الموانئ البحرية في منطقة البحر الأبيض المتوسط، حيث يستوعب أكبر السفن الحديثة ويلعب دورًا حيويًا وأساسيًا في معظم عمليات الاستيراد والتصدير اللّبنانية، حيث تمثل البضائع التي تدخل إليه 70% من حجم السلع التي تدخل إلى البلاد، وتبلغ مساحته الإجمالية 1.2 مليون متر مربع ويتألف من 4 أحواض يتراوح عمقها بين 20 و24 مترًا.
الطرح الألماني أثار مخاوف من أن تكون خطة المشروع تكرارًا لتجربة سوليدر التي شهدها وسط بيروت بعد الحرب، ما يعني انتهاكًا جديدًا لحقوق الدولة كالحق في الدخل عبر الضرائب والحق في الرقابة على الشركة الخاصّة لحماية المصلحة العامّة، وحقوق المجتمع والأفراد كالحق في الملكية الخاصّة والعودة إلى وسط المدينة والعيش فيها.
اللّافت في موضوع الشركات الألمانية كان تصريح مستشار رئيس الجمهورية لشؤون النقل والمرافئ رومل صابر، الذي تحدّث عن اهتمام الشركات المذكورة بمشروع يشبه سوليدير أكثر من اهتمامها بالمرفأ بحدّ ذاته، ما يضع علامة استفهام حول نيّة هذه الشركات ونيّة الوكيل اللّبناني المجهول الهويّة في العلن حتى الساعة”.
وأكّد صابر أنّ “الوفد الألماني ليس كاريتاس لكنّه مجموعة شركات خاصة تسعى لاستثمار تجاري بحت، والأهم بالنسبة لنا هو عدم المسّ بمقدّرات الدولة المتبقية من عقارات وغيرها”.
وفي هذا السياق، برز الدور الكبير الذي لعبه محافظ بيروت مروان عبود خلال زيارة الوفد الألماني إلى بيروت في 6 نيسان، حيث التقى عبود بالوفد الذي أطلعه على تفاصيل المشروع، كما استضاف عبود الوفد في بيت بيروت – السوديكو حيث عقد الأخير مؤتمرًا صحافيًا عرض خلاله مشروعه المتعلق بإنعاش أوروبي لمرفأ بيروت والمنطقة المجاورة.
واستغربت أوساط سياسية، تبني محافظ بيروت للمشروع الألماني الخاص بالمرفأ، في حين أنه كان قد أكد في عدة مناسبات أن لا صلاحيات له ولبلدية بيروت في المرفأ”.
وربطت المصادر الدور الذي يلعبه عبود بالوكيل المجهول الذي تحدث عنه مستشار رئيس الجمهورية، ذاكرة أنّ “عبود أعلن سابقًا في 14 آب 2020 أنه لن يسمح بتغيير الاستثمار في المنطقة ولن يوافق على مشاريع مثل سوليدير، لكن ما نراه اليوم يؤكد أنّ المحافظ نسف أقاويله السابقة، وهو يتولى اليوم مهمة تلمييع المشروع الألماني إلى حين ظهور الوكيل الأصيل”.
وكشفت الأوساط، أنّ “الثلاثي المحافظ عبود والسفير الألماني في بيروت آندرياس كيندل والسفير اللبناني في ألمانيا مصطفى أديب، يدورون في فلك الوكيل المجهول نفسه، وهم مكلفون بمتابعة تفاصيل المشروع كي يصل إلى خواتيمه السعيدة”.
واعتبرت أنّه “إذا أراد رئيس الجمهورية معرفة هوية “الوكيل المجهول” عليه أن يسأل القاضي الذي عينه هو في منصب “المحافظ”، وأن يكشف للرأي العام اللبناني ما يتم تخطيطه لبيروت وأهلها، وما إذا كنّا حقًا أمام سوليدر جديد”.
المشروع الألماني قد يفجر العلاقة بين سلطتي بلدية بيروت التقريرية والتنفيذية، حيث أبدت أوساط مجلس بلدية بيروت استياءها من محاولة عبود إلغاء دور المجلس كسلطة تقريرية وحدها المعنية في الاطلاع على كافة المشاريع التي تتعلق بالعاصمة بيروت”.
وأكّدت الأوساط أنّ “أحدًا لم يضعنا في أجواء زيارة وفد الشركات الألمانية إلى بيروت، فقد تمّ تغييبنا عن المشهد بطريقة مستغربة، علمًا أنّ دور المحافظ يقتصر على تنفيذ المشاريع التي يوافق عليها المجلس البلدي وليس العكس”.
وذكرت أنّها “بصدد الطلب من عبود تقديم شرحًا مفصلاً عن ما يدور بينه وبين ممثلي الشركات، وأن تكون متابعة المشاريع المماثلة منوطة بالمجلس البلدي”.
محمد مدني
